مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج مع الحدث: مع الحدث - 46- حلقة خاصة في يوم الاسير الفلسطيني- محمود مطر -17 - 04 - 2024           برنامج اخترنا لكم من أرشيف الإذاعة: اخترنا لكم - بيت المقدس أرض الأنبياء - د. رائد فتحي           برنامج خطبة الجمعة: خطبة الجمعة - وجوب العمل على فك الأسرى - د. جمال خطاب           برنامج موعظة ورباط: موعظة ورباط - 10 - ولئن متم أو قتلتم - الشيخ ادهم العاسمي           برنامج خواطر إيمانية: خواطر إيمانية -436- واجبنا تجاه الأسرى - الشيخ أمجد الأشقر           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 391 - سورة المائدة 008 - 010         

الشيخ/

New Page 1

     أهل القرآن

New Page 1

من أصول أصحاب القراءات العشرأبو موسى الأشعري رضي الله عنه

20/04/2011 14:42:00

محمود مهنّا

هو عبدالله بن قيس المكنّى بـ أبي موسى الأشعري، ولم يكن في الصحابة أحد أحسن صوتاً منه.
قال صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم: "لو رأيتني وانا استمع قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود". وكان عمر رضي الله عنه كلما رآه دعاه ليتلو عليه من كتاب الله قائلا له: شوّقنا إلى ربنا يا أبا موسى.
وعن أبي موسى أن النبي صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم وعائشة مرا به وهو يقرأ في بيته فاستمعا لقراءته فلما أصبح أخبره النبي صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم فقال لو أعلم بمكانك لحبّرته لك تحبيراً.
عن أنس أن أبا موسى قرأ ليلة فقمن أزواج النبي صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم يستمعن لقراءته، فلما أصبح أخبر بذلك فقال: لو علمت لحبّرت تحبيراً ولشوقت تشويقاً.
عن ابن بريدة عن أبيه قال: خرجت ليلة من المسجد فإذا النبي صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم عند باب المسجد قائم، وإذا رجل يصلي، فقال لي: يا بريدة أتراه يرائي؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: بل هو مؤمن منيب، لقد أعطي مزماراً من مزامير آل داود. فأتيته فإذا هو أبو موسى فأخبرته.
عن ابن بريدة عن أبيه قال جاء رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم إلى المسجد وأنا على باب المسجد فأخذ بيدي فأدخلني المسجد فإذا رجل يصلي يدعو يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم: ((والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب وإذا رجل يقرأ فقال لقد أعطي هذا مزمارا من مزامير آل داود قلت يا رسول الله أخبره قال نعم)) فأخبرته فقال لي لا تزال لي صديقاً وإذا هو أبو موسى.
قال أبو عثمان النهدي ما سمعت مزماراً ولا طنبوراً ولا صنجاً أحسن من صوت أبي موسى الأشعري إن كان ليصلي بنا فنَودُّ أنه قرأ البقرة من حسن صوته.
وروي أن أبا موسى الأشعري قدم على معاوية، فنزل في بعض الدور بدمشق فخرج معاوية من الليل ليستمع قراءته.
وهو معدود فيمن قرأ على النبي صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم ، وهو أقرأ أهل البصرة، وكان إذا صلى الصبح استقبل الصفوف رجلاً رجلاً يقرئهم.
وعن أنس: بعثني الأشعري إلى عمر. فقال لي: كيف تركت الأشعري؟ قلت: تركته يعلم الناس القرآن. فقال: أما إنه كيِّسْ ولا تُسمِعْها إياه.
 

قصة إسلامه:
غادر اليمن بلده ووطنه إلى مكة فور سماعه برسول ظهر هناك يهتف بالتوحيد ويدعو إلى الله على بصيرة، ويأمر بمكارم الأخلاق.
وفي مكة، جلس بين يدي رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم  وتلقى منه الهدى واليقين، وعاد إلى بلاده يحمل كلمة الله، ثم رجع إلى رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم  وتلقى منه الهدى واليقين، وعاد إلى بلاده يحمل كلمة الله، ثم رجع إلى صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم  إثر فراغه من فتح خيبر، ووافق قدومه قدوم جعفر بن أبي طالب مقبلاً مع أصحابه من الحبشة فأسهم الرسول صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم لهم جميعاً، وفي هذه المرّة لم يأت أبو موسى الأشعري وحده، بل جاء معه بضعة وخمسون رجلاً من أهل اليمن الذين لقنهم الإسلام، وأخوان شقيقان له، هم: أبو رهم، وأبو بردة. قال عنهم رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم : ((يقدم عليكم غداً قوم هم أرق قلوباً للإسلام منكم)). فقدم الأشعريون فلما دنوا جعلوا يرتجزون:

غداً نلقى الأحبة            محمداً وحـزبـه

فلما أن قدموا تصافحوا فكانوا أول من أحدث المصافحة.
ولما نزلت "فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه" ( المائدة 57 )، قال رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم : ((هم قومك يا أبا موسى وأومأ إليه)).
وكثيراً ما كان يضرب المثل الأعلى لأصحابه صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم ، فيقول فيهم وعنهم: ((إن الأشعريين اذا أرملوا في غزو، أو قلّ في أيديهم الطعام، جمعوا ما عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموا بالسويّة. فهم مني، وأنا منهم)).
ومن ذلك اليوم أخذ أبو موسى مكانه الدائم والعالي بين المسلمين والمؤمنين، الذين قدّر لهم أن يكونوا أصحاب رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم وتلامذته، وأن يكونوا حملة الإسلام إلى الدنيا في كل عصورها ودهورها.

صاحب المكانة والمكارم:
في الصحيحين عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه أن رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم قال: ((اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريماً)).
عن أبي موسى قال لما فرغ رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم من حنين بعث أبا عامر الأشعري على جيش أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقُتل دريد وهزم الله أصحابه، فرمى رجل أبا عامر في ركبته بسهم فأثبته، فقلت: يا عم من رماك؟ فأشار إليه فقصدت له فلحقته فلما رآني ولى ذاهباً، فجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألست عربياً؟ ألا تثْبت؟ قال: فَكفَّ فالتقيت أنا وهو فاختلفنا ضربتين فقتلته، ثم رجعت إلى أبي عامر فقلت: قد قتل الله صاحبك. قال: فانزع هذا السهم. فنزعته فنزا منه الماء. فقال: يا ابن أخي انطلق إلى رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم فأقرئه مني السلام، وقل له يستغفر لي، واستخلفني أبو عامر على الناس فمكث يسيراً ثم مات. فلما قدمنا وأخبرت النبي صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم فتوضأ ثم رفع يديه ثم قال: ((اللهم اغفر لعبيد الله أبي عامر حتى رأيت بياض إبطيه. ثم قال: اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك. فقلت: ولي يا رسول الله. فقال: اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مُدخلاً كريماً)).
عن أبي موسى قال: ((كنت عند رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم بالجعرانة، فأتى أعرابي فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ قال: أبشر. قال: قد أكثرت من البشرى. فأقبل رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم علي وعلى بلال فقال: إن هذا قد رد البشرى فاقبلا أنتما. فقلنا: قبلنا يا رسول الله. فدعا بقدح فغسل يديه ووجهه فيه ومج فيه، ثم قال: اشربا منه وأفرغا على رؤوسكما ونحوركما. ففعلنا، فنادت أم سلمة من وراء الستر أن فضلاً لأمكما فأفضلنا لها منه)).
عن مسروق قال: خرجنا مع أبي موسى في غزاة، فقام أبو موسى يصلي في بستان خرب وقرأ قراءةً حسنة، وقال: اللهم أنت المؤمن تحب المؤمن وأنت المهيمن تحب المهيمن وأنت السلام تحب السلام.
عن أبي موسى الأشعري قال: كنا مع النبي صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم في سفر وكان القوم يصعدون ثنيّة أو عقبة، فإذا صعد الرجل قال لا إله إلا الله والله أكبر أحسبه قال بأعلى صوته ورسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم على بغلته يعترضها في الجبل فقال: ((أيها الناس إنكم لا تنادون أصم ولا غائباً. ثم قال: يا عبد الله بن قيس أو يا أبا موسى ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: قل لا حول ولا قوة إلا بالله)).
 

العالم:

قال الشعبي يؤخذ العلم عن ستة عمر وعبد الله وزيد يشبه علمهم بعضه بعضاً، وكان علي وأبي وأبو موسى يشبه علمهم بعضه بعضاً، يقتبس بعضهم من بعض.
عن الشعبي قال: قضاة الأمة عمر وعلي وزيد وأبو موسى.
عن صفوان بن سليم قال: لم يكن يفتي في المسجد زمن رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم غير هؤلاء عمر وعلي ومعاذ وأبي موسى.
وله ثلاث مئة وستون حديثاً وقع له في الصحيحين تسعة وأربعون حديثا وتفرد البخاري بأربعة أحاديث ومسلم بخمسة عشر حديثاً.
 

الوالي:
كان أبو موسى رضي الله عنه موضع ثقة الرسول صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم وحبه، وموضع ثقة خلفائه وأصحابه، ففي حياته عليه الصلاة والسلام ولاه مع معاذ بن جبل أمر اليمن، وبعد وفاة الرسول صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم عاد إلى المدينة ليحمل مسؤولياته في الجهاد الكبير الذي خاضته جيوش الإسلام ضد فارس والروم، وفي عهد عمر ولاّه أمير المؤمنين البصرة، وولاّه الخليفة عثمان الكوفة.
 

من أقواله:
أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا، فان أهل النار يبكون الدموع حتى تنقطع ثم يبكون الدماء حتى لو أرسلت فيها السفن لجرت.
لأن يمتلئ منخري من ريح جيفة أحب إلي من أن يمتلئ من ريح امرأة.
ومن كلماته المضيئة عن القرآن: اتبعوا القرآن، ولا تطمعوا في أن يتبعكم القرآن.
 

العابد:
كان من أهل العبادة المثابرين، ففي الأيام القائظة التي يكاد حرّها يزهق الأنفاس، كنت تجد أبا موسى يلقاها لقاء مشتاق ليصومها، ويقول: لعل ظمأ الهواجر يكون لنا ريّاً يوم القيامة.
واجتهد الأشعري قبل موته اجتهاداً شديداً فقيل له: لو أمسكت ورفقت بنفسك. قال: إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها، والذي بقي من أجلي أقل من ذلك.
وكان أبو موسى صواماً قواماً ربانياً زاهداً عابداً ممن جمع العلم والعمل والجهاد وسلامة الصدر لم تغيره الإمارة ولا اغتر بالدنيا.
 

المجاهد:
في مواطن الجهاد، كان الأشعري يحمل مسؤولياته في استبسال مجيد مما جعل رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم  يقول عنه: "سيّد الفوارس، أبو موسى".
وقال رضي الله عنه: خرجنا مع رسول الله صَلّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم في غزاة، نقبت فيها أقدامنا، ونقّبت قدماي، وتساقطت أظفاري، حتى لففنا أقدامنا بالخرق.
وفي المعارك التي خاضها المسلمون ضدّ امبراطورية الفرس، كان لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه، بلاؤه العظيم وجهاده الكريم.
وفي موقعة تستر بالذات، حيث انسحب الهرمزان بجيشه إليها وتحصّن بها، وجمع فيها جيوشاً هائلة، كان أبو موسى بطل هذه الموقعة.
 

وفاته:
مات رحمه الله سنة اثنتين وأربعين للهجرة.



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب